دعوة إلى التحرر من مشاعر العار المرتبطة بالحيض

الدورة

اعتبر الحيض عبر التاريخ ووفق مختلف الثقافات دلالة على الأنوثة. فالدورة الشهرية هي عامل رئيس في عملية التوالد واستمرارية الحياة على الأرض. لكن في المقابل أحيط الحيض بالكثير من المفاهيم المغلوطة ومشاعر العار. وهذا الواقع ينعكس على نواحٍ كثيرة من حياتنا، بحيث أصبحت أجسادنا كنساء تبدو مثل الأعداء بالنسبة لنا.

shame-free period blood

تقضي كل امرأة نحو ١٨٠٠ يوم من حياتها وهي في حالة حيض، لذا يفترض أننا بتنا الآن مرتاحين للتحدث في الموضوع.

– توبيك

اعتبر الحيض عبر التاريخ ووفق مختلف الثقافات دلالة على الأنوثة. فالدورة الشهرية هي عامل رئيس في عملية التوالد واستمرارية الحياة على الأرض. لكن في المقابل أحيط الحيض بالكثير من المفاهيم المغلوطة ومشاعر العار. وهذا الواقع ينعكس على نواحٍ كثيرة من حياتنا، بحيث أصبحت أجسادنا كنساء تبدو مثل الأعداء بالنسبة لنا.

وقد نشعر في بعض الأحيان بالكره تجاه أجسادنا، وبأننا لا نملك أي سلطة عليها، وهذه مسألة ينبغي تجاوزها ومعالجتها. إذ يمكن لوصمة العار أن تصيب مواضع عميقة فينا فتجعلنا أحيانًا ننفصل عن أجسادنا ونخاف من الحيض متجنبين تعلم المزيد عن دوراتنا، مما يجعلنا يجعلنا نغفل أنها أكثر بكثير من مجرد نزيف.

إن الحيض في الواقع مرحلة واحدة من مراحل الدورة الشهرية المختلفة، التي تتميّز كل منها بعدد من التغيرات والتقلبات. وتشكل هذه المراحل دافعًا أساسيًا لتطوّرنا نحو الأفضل. إن فهم إيقاعات أجسادنا يسمح لنا بتحسين أنماط حياتنا والاطلاع بطريقة أوضح على حالتنا الصحية. دوراتنا ليست أمرًا يحدث لنا، بل إنها جزء مهم منّا ولا ينبغي اعتبارها أمرًا بغيضًا.

بأساليب خفية أحيانًا، وواضحة أحيانًا أخرى، يُشعرنا محيطنا بالإحراج بسبب هذا الأمر الطبيعي والشهري. وقد أصبحت محاولة "التستّر" على الحيض بالنسبة لنا أمراً طبيعيًا، لدرجة أننا لم نعد نلاحظ كيف نضطر إلى تغيير سلوكنا كي نعيش ضمن ما هو مقبول مجتمعيًا بمحيطنا.

لهذا تجدنا نقوم ببعض التصرفات السخيفة حرصًا منّا على أن لا يعرف أحد أننا في فترة حيض، وذاك لا شعوريًا يزيد من إحساس تجاه نزفنا. هل سبق لك وأخفيت فوطة الحيض أثناء توجهك إلى الحمام؟ أو عمدت إلى ربط سترتك حول خصرك لإخفاء التسرب في حال حصل؟

تفكيك الأفكار النمطية

لا شك أيضًا أن المجتمعات التي نعيش فيها لا تلعب دورًا مساعدًا في هذه المسألة. فنحن نميل إلى التصديق بأن الكثير من التطوّر حصل فعلًا في مجتمعاتنا، وأننا قطعنا شوطًا كبيرًا في الانفتاح لكن فلننظر مليًا إلى الواقع: ما هو مقدار التغيير الحقيقي الذي استطعنا إحداثه في سلوكياتنا ومواقفنا تجاه الدورة الشهرية؟

لنأخذ بعض الأمثلة في هذا الإطار: كم من مرة طرح أحدهم عليك السؤال "هل أنت في مرحلة الحيض" عند تفاعلك بطريقة عاطفية مع أمر ما؟ وكم من المرات قوبلت آراؤك بتعليقات تقول إنك لا بد تعانين مما يُمسّى "متلازمة ما قبل الحيض"، أو أنك تمرّين راهنًا "في تلك الفترة من الشهر"؟ بالرغم من أن ذلك في أحيان كثيرة يُقصد به المزاح، إلا أن الإشارة إلى الدورة الشهرية بهذه الطريقة تؤذي المرأة وتزيد من شعور الخزي.

إلى هذا، لقد تمت برمجتنا مع الوقت وعلى نحو ممنهج، كي نقلل من قيمة المشاعر التي نختبرها خلال أيام الحيض والفترة السابقة له، أو حتى للشعور بالخزي تجاهها. تعلم الكثيرات منا بأن التعبير عن هذه المشاعر يجعل المرأة تبدو "مجنونة"، أو "دراماتيكية"، أو يعطي انطباعًا بأنها "تبالغ". عندما يُقابَل غضب المرأة بالقول "هرموناتها زايدة"، فإن ذلك قد يحد من قدرتها على الإقناع، أو على إحداث التغيير في محيطها.

تغيير المصطلحات

إن تغيير طريقة الكلام عن الحيض هو أحد المفاتيح الأساسية لتغيير الحديث عن أجساد الإناث. هذا الأمر ينطلق منا نحن، ومن أسلوبنا في التحدث عن أجسادنا ونزيفنا الشهري.

إن المصطلحات التي نستخدمها في اللغة الإنجليزية للتحدث عن كل ما هو مرتبط بالحيض، مثل "الفوط الصحية” أو "النظافة وقت الحيض"، تعزز فكرة أن الدورة الشهرية تجعل المرأة قذرة أو "مريضة". الأأمر مماثل في الثقافات العربية. إذ برغم أهمية الاعتناء بالنظافة الشخصية خلال فترة الحيض من الناحية الصحية، إلا أننا نجد تركيزًا كبيرًا على فكرة “قذارة” المرأة في هذه الفترة، بدل من اعتبار أن ما تمر به عملية طبيعية.

هل تعرفين على سبيل المثال أن كلمة "مهسترة" مشتقة من "هستيريا"؟ كلمة "مهسترة" إذًا آتية من كلمة "هستيريا" المشتقة بدورها من كلمة "هيسترا" "Hystera" اليونانية التي تعني "الرحم". وكانت عبارة “هيسترا” هذه   تُستعمل طوال قرون في اليونان القديمة كتشخيص يصف بعض الحالات عند النساء اللواتي يعانين من اضطرابات نفسية. وأصبحت مع الوقت مصطلحاً يُطلق على أي مرض لم يكن الطب قادرًا على تفسيره في ذلك الوقت (مثل نوبات الصرع أو الإجهاض أو فقدان الشهية)، وكان الأطباء ينسبونها إلى بعض الأسباب غير المنطقية مثل "تجوّل الرحم في الجسد" wandering uterus أو كون الرحم غير طبيعي. وقد ظل ذاك بمثابة تشخيص طبي معترف به في الولايات المتحدة الأميركية حتى خمسينيات القرن الماضي.

يساهم هذا النوع من المصطلحات في نشر بعض الأفكار غير المقبولة، كالتي تعتبر أن النساء لا يمكنهم السيطرة على أفكارهن أو تصرفاتهن أو مشاعرهن، وأن لديهن هرمونات متخبّطة على الدوام.

كيف يمكننا تغيير المشهد؟

الخطوة الأولى في مسار التغيير هي الاعتراف بالمشكلة وفهمها وإدراك عمق جذورها. عندها فقط يمكننا كسر الحلقة المحيطة بدوراتنا الشهرية. يمكن للتغييرات الصغيرة أن تحدث أثرًا هائلًا، بما في ذلك التفكير بالكلمات التي ننطق بها، لا سيما تلك التي من شأنها أن تسيء إلينا أو إلى النساء الأخريات.

‎تذكري، ليس واجبًا أن نحب الحيض لكي يصبح خارج إطار المواضيع المحظورة، لكن لنلتزم معًا باتخاذ الخطوات اللازمة لجعل الحيض أمرًا عاديًا.

هل استفدتِ من هذا المصدر؟

.هل وجدتِ إجاباتٍ لأسئلتك؟ أم فاتنا ذكر معلومة ما؟ شاركينا رأيك

هناك خطأ! الرجاء المحاولة مرة أخرى

.شكرًا على مشاركة ملاحظاتك واقتراحاتكِ

نعمل باستمرار على مصادر جديدة، لذا لا تنسي الاشتراك في نشرتنا البريدية لنعلمكِ بكل .جديد

انشئي حسابًا
تصفّحي محتوى رحلاتنا المخصصة، وانضمي إلى مجتمعنا، واحتفظي بالمصادر، واكتشفي كل ما نقدمه.

ابدئي الآن

slim